بعد سنوات من نفحات من الأمل فيما يتعلق بحقوق الإنسان - وتحديداً حقوق المثليين - ساد شعور بأن التوتر الذي يحيط بهذا الموضوع قد بدأ يتحول بشكل إيجابي. ففي اوساط المجتمع والرأي العام، كان هناك نقاشات بين الناس في الأماكن العامة والخاصة، وفي وسائل الإعلام، سادها جو من القبول والدعوة المتزايدة لهذه الحقوق
ومع ذلك، وللأسف، فإن حالات انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بحقوق المثليين لم تكن تُسمع من قبل في لبنان. ومع ذلك، فإننا لم نشهد سابقاً على مثل هذا القرار الرسمي الأحمق والخطير، له سلطة إشعال العنف والفوضى، من قبل وزير في الحكومة
فقد أصدر وزير الداخلية بسام المولوي في 25 يونيو 2022، قرارًا إدارياً يأمر القوى الأمنية بمداهمة وقمع أي أحداث أو تجمعات تتعلق بالمثليين. وتم ذلك بعد أن تلقى اتصالاً من مفتي الجمهورية اللبنانية، وبناءً على مصادرنا الرسمية، لم يتشاور المولوي مع أي مسؤول حكومي لبناني قبل اتخاذ هذا القرار غير المسؤول
يتعارض البيان الرسمي للمولوي مع التزام الحكومة اللبنانية بالإعلانات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويشمل ذلك المواد الواردة في تلك الاتفاقيات والإعلانات التي تفرض قوانين تحمي جميع الحريات والحقوق الإنسانية، بما في ذلك التعبير والكلام والتجمع
والأهم من ذلك، فإن قرار وزير الداخلية يتعارض مع المقدمة والمادتين 7 و 8 من الدستور اللبناني، كما يتعارض مع أحكام المحاكم اللبنانية المتعددة الداعمة لحقوق الإنسان المتساوية للجميع. وقبل خمس سنوات أصدر القاضي ربيع معلوف قرارا قضائيا ينص على أن "المثلية حق طبيعي وليست جريمة"، وقد استند قراره إلى قانون المساواة بين الجميع، وأن لكل إنسان الحق في التمتع بحقوق وحريات متساوية؛ واعتبر أن هذه الحقوق مرتبطة بالإنسان نفسه، ولا داعي لأي شخص أن يكتسب هذا الحق، حتى ولو رفضه غالبية المجتمع. وأضاف بأنه يُحظر أي نوع من أنواع العلاج التحويلي أو العلاجات المتعلقة بالميل الجنسي
وجاء قرار المحكمة هذا بعد 3 قرارات مماثلة، الأول أصدره القاضي منير سليمان عام 2009، والثاني صدر عن القاضي ناجي دحداح عام 2014، والثالث أصدره القاضي هشام قنطار عام 2016
ما لم يتوقعه بسام المولوي ولم يعترف به بعد، هو العواقب الوخيمة لقراره اللاإنساني. لقد بدأ هذا القرار وسيستمر في إثارة التوتر والكراهية والعنف تجاه هذا المشتمع. وبصفته وزيراً للداخلية، فإن تصريح المولوي لا يصبح ملزماً رسمياً لمن يعملون تحت إشراف الوزارة فحسب، بل إنه يغذي أيضا الرأي العام. ومن المهم الإشارة الى أنه كان هذا النوع من التمييز كامنا إلى حد ما على المستوى المجتمعي، ولكن تم إعادة شحن المواقف السلبية تجاه حقوق المثليين، وهو واضح من خلال النقاشات بين الناس وفي وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي
ان دور وزارة الداخلية، وجميع الأقسام التابعة لها، هو حماية ودعم حقوق كل إنسان يعيش في لبنان. ليس الغرض منها استهداف وقمع الأفراد والمجتمعات على أساس ميولهم الجنسية أو هويتهم الجنسية أو عرقهم أو خلفيتهم الاجتماعية والاقتصادية
وليكُن معلوماً أنه ومن لحظة صدور البيان، فإن حوادث انتهاكات حقوق الإنسان ضد أعضاء هذا المشتمع قد تم التحريض عليها - بشكل مباشر أو غير مباشر - من قبل وزير الداخلية
سيد مولوي، إذا كنت تتساءل مصادفة كيف يمكنك حل الفوضى التي أحدثتها، فإن الإجابة سهلة: إلغاء الأمر والتوقف عن السماح للمؤسسات الدينية باتخاذ قراراتك الحكومية
جزء إضافي من نصيحتنا الشخصية المتواضعة لك هو إظهار الحب والتعاطف بغض النظر عن مدى قوتك والسلطة التي تتمتع بها، وبغض النظر عمن يقف في طريقك أو بجانبك
نحن نؤمن بإظهار التعاطف، سواء مع أولئك الذين تعرضوا للظلم أو الذين أساءوا إلى الآخرين. ندعوك لصد الكره الذي أحدثه بيانك، ودعم حقوق كل فرد يعيش في لبنان دون استثناءات أو أي نوع من التمييز
لكل إنسان الحرية في أن يكون ما يريد أن يكون، وأن يحب من يريد أن يحب، وأن يعبر عما يشعر به